الأخباربرا الملعبملفات خاصة

رضا وحازم .. مئوية الإسماعيلي وقرابين الكرة الجميلة

منح النيل الحياة للمصريين، فلم يبخل الفراعنة عليه بتقديم حسناواتهم سنويًا في موعد ربطوه مع سبتمبر وسموه بعيد الوفاء، فاستمرار جريان المياه واستعداد الفلاح لمعانقة الأرض من جديد يمكنه أن يحول مأتم فقدان الجميلة إلى بهجة تُخلد على الجدران.

الرواية السابقة حققها معظم المؤرخون بأسطورة خيالية تناقلت بين الأجيال، وفي القصة الحالية نستخدم خيال الرواية في توديع مؤخر لأسطوراتي الإسماعيلي رضا ومحمد حازم.

أشياء كثيرة جمعت رضا ومحمد حازم رغم رحيل الأول وعمر الثاني 5 سنوات فقط، الموهبة الفذة والإبداع الذي حفظ بريق السمسمية وربط الإسمعلاوية أكثر بالموسيقي والفن، العمر القصير ومشاعر القميص الأصفر وطريقة مغادرة الحياة.

إطلالة أخرى: الاسكواش المصري والإنجليز .. تجنيس أم استرداد ودائع؟

انحاز الإسماعيلي منذ أيامه الأولى للكرة الجميلة التي تشبه لوحات نورمان روكويل، ولم يمنع ذلك من أيام عاصفة كحقبة بيكاسو الزرقاء، .. وما المانع فحزن بيكاسو الأزرق لا يقل إبداع وصدق عن تفاؤل روكويل.

شمعة واحدة تفصل الإسماعيلي عن المئوية التي ضمت عدد كبير من النجوم بينهم قائمة قصيرة من أسماء لا يمكن نسيانها وتصلح لتكون المصطلح الحسابي = لكرة الإسماعيلي.

رضا .. مهندس مدرج الإسماعيلي

مرت عملية تزويد مقاعد مدرج الإسماعيلي بمراحل عدة كما هو حال جميع الأندية الشعبية، يستحوذ محمد مرسي حسين الشهير بالفنان “رضا” المولود في في 8 أبريل 1939 على أبرز تحولاتها.

لم يكن رضا مجرد لاعب يجيد مرواغة الخصم ويمتلك دقة التصويب واختيار الوقت المثالي للتمرير، بل تحولت مبارياته إلى عرض إبداعي يشبه مسمى الشارع الذي ولد فيه “شارع الفن في حي المحطة الجديدة” خضعت له كرة المواجهات الرسمية كما كان حال “الشراب” في حواري المدينة ولم يختلف عجز خصومه كثيرًا عن ذهول رفقاء سنوات الصبى.

رضا نجم الإسماعيلي

“رحل الجميع وبقى رضا مع الإسماعيلي” كان أحد العناوين الرئيسية للصحف في 1958 عندما هبط الدارويش إلى الدرجة الثانية وتمسك رضا بانتشال الفريق من المظاليم وهو ما نجح فيه بعد 3 أعوام وتصدر ترتيب هدافي المسابقة برصيد 38 هدفًا.

زاوية: علاء عبدالعال .. خطة اقتحام “بيت الرعب”

انضم رضا إلى المنتخب الأول وهو لاعبًا في الدرجة الثانية وقدم نفسه بصورة جيدة على المستوى الدولي، ظهر في أكثر من 80 مباراة رفقة الفراعنة وشارك في دورة روما الأوليمبية عام 1960 ولعب أمام يوغسلافيا ورومانيا بعد أن قاد المنتخب القومي للصعود بهدفيه في مرمى تونس والسودان.

وسجل بصمات جيدة في الدورة العربية بالمغرب عام 61 والدورة الأفريقية في غانا عام 63 التي أحرز خلالها هاتريك في مرمى نيجيريا من 11 هدف سجلهم في مشواره الدولي بجانب أهدافه في مرمى أوغندا والمغرب والكويت وبطولة العالم العسكرية في ألمانيا الغربية عام 64 ومن أشهر مبارياته أمام منتخب البرازيل بنجومه بيليه، جارنشيا، بيبي، وجليما.

نقلت الصحف المصرية وقتها تصريحًا لمدرب البرازيل فيولا عن رضا أنه أحسن جناح أيمن في العالم بعد جارنشيا المعجزة.

رضا خلال إحدى المباريات

النجومية لا تمنع المعاناة

عمل رضا كعامل في هندسة الري بالإسماعلية بنظام اليومية بمرتب شهري قيمته 180 مليمًا، لتدبير احتياجاته المادية في ظل إهمال إدارة النادي لطلباته.

مع حلول موسم 61-62، كانت طاقة رضا أوشكت على النفاد وهو ما دفعه للانضمام إلى صفوف الأهلي بموجب الاستغناء القانونى الذي يمتلكه، سادت حالة من الغضب بين جماهير الإسماعيلي تحولت إلى حركة احتجاج داخل المحافظة ليمحي خطوته تقديرًا لهم.

تدخل محمد حسن عبداللطيف محافظ الإسماعيلية وقتها، لتوفير مصدر دخل للاعب وعينه بوظيفة مساعد بالقوات الجوية.

الموهبة تحن إلى السماء

توقف إبداع رضا في الإسماعيلية في عمر الـ 26 بعدما رحل يوم 24 سبتمبر 1965 في حادث سيارة بمدينة إيتاي البارود.

خبر وفاة رضا

محمد حازم .. قاهري عشق الإسماعيلي وبحث عن شادية

يكتسب أبناء مدينة الإسماعيلية عشق فريقهم منذ اللحظة الأولى، فعادة يكون الأب أحد زوار الاستاد العريق ومواجهات الأصفر مادة مفضلة على تلفزيون البيت والقميص المشهور ضمن ملابس الأسرة.

كسر محمد حازم القاعدة وأحب الإسماعيلي من مسافة 132 كيلو يمكن قطعها في ساعتين عبر طريق الإسماعيلية الصحراوي وهو الدرب الذي شهد على سفريات محمد بداية بلحظات الأمل والبحث عن النجومية ومرورًا باستراحة المواجهات الكبرى ونهاية بحادث الرحيل.

جذبت موهبة محمد أنظار جيرانه وطالبوه بالذهاب لاختبارات الأهلي أو الزمالك وهو ما رفضه مفضلًا انتظار فرصة الذهاب إلى الإسماعيلية.

محمد حازم صغيرًا

خاض  حازم اختبارات الإسماعيلى بمركز شباب الجزيرة بعد حرب 1967، ولعب في صفوف مرحلة 14 سنة، وكانت أولى مشاركاته مع الفريق بعد 3 سنوات أمام السويس.

أصبح حازم النجم الأبرز في تشكيل الدراويش وبين القائمة القصيرة لنجوم الكرة المصرية وبدأت مرحلة المشاركات الدولية عام 1980 وتوجت بالمساهمة في تحقيق لقب كأس أمم أفريقيا 1986.

كتب في رحلته القصيرة أرقام لا تنسى أبرزها المشاركة فى 197 مباراة بالدورى الممتاز، و21 بالكأس، و8 مباريات أفريقية مع الدراويش، ويٌعد أصغر لاعب يحمل الشارة فى مصر، بعدما تولى قيادة الدراويش وعمره 21 سنة، وتوج بلقب هدّاف الدورى مرتين، بإحرازه 11 هدف فى الموسمين.

محمد حازم وشادية

المثقف والنهايات الحزينة

عُرف خازم بحب القراءة واستحوذت على أوقات فراغه وكان يميل للروايات الحزينة ذات النهايات المآساوية ويتحدث كثيرًا عن الموت.

كان صوت شادية هو المفضل لحازم وكانت أمنيته الوحيدة رؤيتها، وعندما التقى الإسماعيلى مع الزمالك وانتهى اللقاء بفوز الفريق الأبيض بهدفين مقابل هدف، سجل هدف الدراويش محمد حازم، بعدما أضاع ركلتى جزاء لفريقه ورغم ذلك هتفت الجماهير له.

عرض أحد الأمراء السعوديين الحاضرين للمباراة على حازم تنفيذ أمنية تقديرًا لأدائه ومساندة الجماهير له فرد عليه: “أتمنى أقابل شادية”.

صادفت الواقعة كون مدير أعمال الأمير السعودى أحد المدعوين لحفل الفنانة شادية فى أحد الفنادق القاهرة رفقة نجوم مسرحية ريا وسكينة لتوقيع بروتوكول عرض المسرحية فى إحدى دول الخليج، واصطحب حازم وبالفعل التقى بـ شادية، وبعد الحفل سأله الأمير السعودى مرة أخرى عن الهدية التى يرغب فيها، فقال إنه بعد رؤية شادية والكلام والتصوير معها لن يطلب شيئاً آخر.

سيارة جديدة ومباراة أخيرة

رحل محمد حازم في 11 نوفمبر عام 1986 بعد نحو يوم من شراء سيارته الجديدة التي قادها عقب نهاية مباراة الإسماعيلي وغزل المحلة في الإسماعيلية قاصدًا شبرا، فانقلبت به وتوفى رفقة صديقه وزميله في الفريق حارس المرمى علي أغا صاحب الـ29 عاما  وقتها.

النيل والإسماعيلي

تشبه أسطورة تقديم الفراعنة أجمل فتيات زمانهم للنيل من أجل استمرار جريان المياه بفقدان الإسماعيلي لنجومه مبكرًا وكأنه خيط لجلب خلفاء يواصلون المتعة والإبداع.

 

رضا نجم الإسماعيلي
محمد حازم
\محمد حازم
محمد حازم
أسرة محمد حازم

mohamed elhalees

محمد الهليس صحفي مصري يكتب في الشأن الرياضي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى