محمد صلاح .. قصة صعود وانهيار البطل الشعبي للمصريين
محمد صلاح .. “معلش يا استاذ هنشغل ماتش صلاح” جملة شهيرة دائمًا ما أزعت مجنوني الأهلي والزمالك مع بداية فبراير 2015، خاصة هذه المجموعة التي سجنت نفسها إجباريًا بين جدران عشق القطبين وعدم النظر إلى فضاء المستديرة، فقائمة المحترفين المصريين لا تمثل لهما إنجاز يذكر ومتابعة المنتخبات الوطنية تأتي بدافع الواجب والعيب ومتابعة الكرة العالمية انتهت مع الفصل الأخير لقصة النهائيات والتلفزيون المصري.
كان طبيعي مع تكرار جملة “القهجومي” أن تغادر فئة القطبين السجن الاختياري وتتسائل ماذا فعل “ناشيء المقاولون” الذي رفضه ممدوح عباس، لينتزع وجهة الشاشة.
ربما يكون القهجومي أكثر عشقًا للأهلي أو الزمالك من “الزبون المتعب” لكن في النهاية هو “أكل العيش” فالرجل يعرف زبونه جيدًا لذلك كان عليه الانحياز للشباب.
قصة أخرى: رضا وحازم .. مئوية الإسماعيلي وقرابين الكرة الجميلة
يرتبط عشاق الكرة المصريين بعلاقة خاصة مع “القهوة” فهو الكائن الذي بفضل الإنفاق والضوضاء على الجلوس في المنزل والاستمتاع بصوت المعلق واضحًا وتوفير “الكام جنيه”.
26 مباراة فقط لصلاح مع فيورنتينا كانت كفيلة بحسم الصراع بين مساجنين القطبين ومهوسي صلاح، انتصر رفاق المحترف في النهاية وساندهم أصحاب المقاهي.
البحث عن بطل
توهج محمد صلاح عالميًا بعد 4 سنوات كاملة من هجرة أحلام الشباب، فالثورة لم تأتي بوجه يألفه الميدان والحد الأدنى للأجور غلبه ارتفاع تكاليف المعيشة والمدرجات التي كانت بالأمس مسرحًا بالدخلات السينمائية والهتافات القوية أصبحت خاوية على عروشها.
رحل حسن شحاتة ولم نصل كأس العالم قُتل الحلم مجددً في أكثر الأوقات قسوة، لم تشفع دموع تريكة وجمعة أو طموح النني وصلاح أو فرحة العيد من السقوط في غانا بسداسية.
خليك هنا: “بعيدًا عن السخرية”.. هل يستلهم أحمد مرتضى درس صلاح “ابن الناظر”؟
خرج الجميع مهزومًا باستثناء صلاح، قدمه تريكة كخليفة الحلم واعتبره المصريون فرسًا جديدًا لسباق الزمن وإنهاء سنوات البحث عن المونديال.
للمرة الأولى في القرن الحالي يختار المصريون زعيم يشبهم، بدأ رحلته من حقل نجريج المغمور والقطار بساعات انتظاره هي وسيلته للذهاب إلى المستقبل، وجبته المفضلة الكشرى، وتعرض للتنمر والرفض من عباس وراهن على نظرة الخواجه ولكن هذه المرة بشكل رسمي بعيدًا عن رحلات الموت في قوارب المتوسط، ربما هذا هو الاستثناء الوحيد.
مواقف بطولية
لم يخطف بريق أوروبا جوهر الفلاح الصاعد، فتزوج حبيبته الأولى بنت القرية ولم يفوت فرصة لتوجيه الشكر إلى محمد أبوتريكة وظل ضياء السيد صديقه المقرب ومحمد النني رفيق الدرب.
تظل سجدة محمد صلاح في الأراضى المحتلة هي الأشهر في مسيرته وذلك بعدما سجل لصالح فريقه بازل السويسري أمام مكابي، وتلاها بصورة أمام المسجد الأقصى.
كرر صلاح موقفه الرافض للاحتلال بمطالبة رئيس الوزراء البريطاني الأسبق بوريس جونسون، بالتدخل «لوقف العنف وقتل الأبرياء»، بالإضافة إلى نشر الفرعون المصري صورة له في تغريدة أخرى وهو يتواجد أمام الحرم القدسي، أمام مسجد قبة الصخرة.
وقال صلاح: «إنني أدعو جميع قادة العالم، بما في ذلك رئيس وزراء البلد الذي كان موطنًا لي طيلة السنوات الأربع الماضية، إلى بذل كل ما في وسعهم للتأكد من توقف العنف وقتل الأبرياء على الفور. لقد طفح الكيل” وذلك في مايو 2021.
قواعد تحويل القناة
لم يجد المصريون أنفسهم مجبرين على تحويل الشاشة عن صلاح، فكل المشاهد والأزمات الإنسانية مثل فلسطين وتصادم القطار، سبقهم إلى “السرادق” ووجوده في قناة الحدث.
أشياء كثيرة جعلت صلاح بطل المصريين، حتى قبل أن يصير رجل ليفربول الأول، ميدو من قبل قدم أداء استثنائي، لكنه قصة شعره لا تشبه رواد المقاهي، اتسع قميص أياكس على الطفل الحالم بالمستقبل فهو لا يقبل اتهامات الخيانة من ناديه الأم ولا يريد أن تظل قصصه مع الفتيات وصوره مع النبيذ هي الحكايات الأقوى حضورًا، وأحمد المحمدي الذي لُقب بعميد المصريين في البريميرليج فضل الإقامة بقصور لندن ورفض فكرة الاستقرار في مصر.
منح المصريون ومن بعدهم العرب محمد صلاح الوقود اللازم للتأثير عالميًا، فحسابات الأندية التي يلعب لها تنفجر من تفاعل المعجبين، وقمصانها تنفد من المتاجر خلال ساعات، والجوائز التي تخضع للتصويت الجماهيري تُحسم بعد دقائق من طرحها.
شيكًا مفتوحًا منحوه المصريون لمحمد صلاح دون شرط فقط يكفيه أن يكون سفير الحلم الغائب عن الواقع، حصنته الجماهيريه العريضة من افتراءات الإعلامي أحمد موسى في 2015 وشكلت انذارًا شعبيًا للقيادة السياسية من محاولة الاقتراب منه.
أين صلاح .. المشهد الأخير
من القهوة الشعبية إلى المقاهي والكافيهات قد يختلف المشروب المقدم لمشاهد صلاح وفقًا للحالة المادية، لكن التشجيع والحالة لا تختلف، انبهار وانفعال وسعادة وحزن، مشاعر تحددها أقدام صلاح.
رفض المصريون فكرة رحيل صلاح إلى الاتحاد السعودي الطبقة البسيطة تتعامل مع صلاح على أنه المنتج الذي لا يجب أن يفقد بريقه أبدا، الحزن الذي حضر في غياب ليفربول عن ليالي الأربعاء سيكون ضعفين بترك صلاح نهار السبت الممتاز.
صحيح أن خطوة الاتحاد تتسم برؤية فنية ولكن العامل الأهم هو جماهيرية محمد صلاح في الشرق وخاصة مصر، صلاح عرض عليه ١٥٠ مليون لأنه سيضمن متابعة أبناء طبقة ال١٢٠٠ ج وربما تتحول شاشات مقاهي الأحياء المصرية من bein إلى ssc
طوفان الأقصى
انتظر المصريون والعرب كلمات من محمد صلاح تدين مذابح الاحتلال وتشير إلى دماء الأطفال، ليس لشيء فقط لأنهم انتقلوا إلى شاشة غزة، ولكن للمرة الأولى يغيب صلاح ويقرر الصمت.